Commercial Law | Hayat Khalid A Alabdulwahed | College of Law

The Effectiveness of Arbitration in the Sports Sector (Arabic), Student contribution.

 

فاعلية التحكيم  في القطاع الرياضي

حياة العبدالواحد، طالبة قانون، جامعة الأمير محمد بن فهد

            سعت المملكة العربية السعودية في رؤيتها لعام 2030 إلى تنمية ركائز الاقتصاد الغير نفطي، ولعل القطاع الرياضي يشكل أحد أهم هذه الركائز حيث أنه بالتماشي مع الرؤية، حققت الرياضة زيادة 170% من الناتج المحلي من 2.4 مليار إلى 6.5 مليار ريال سعودي، ازدادت عدد الاتحادات الرياضية من 32 إلى 64 اتحادًا، وتم انشاء شركات مختصة بالاستثمار الرياضي في الأندية لأول مرة في عام 2020م. ومما سبق ذكره، يظهر المجال الرياضي فرصا مستقبلية واعدة تُزيد الطلب على المرافق الرياضية والسلع والاستثمار المحلي والدولي. ولا شك أن هذا التوجه بحاجة إلى وجود بيئة استثمارية محفزّة للاستثمار الرياضي مدعومة بإطار تشريعي يبّث الثقة في نفوس المستثمرين، لاسيما من خلال توفير وسائل لحل المنازعات في العقود التجارية المتعلقة بالقطاع الرياضي كالدعاية والإعلان، الاستثمار، الرعايات، إلخ. ويتميّز القطاع الرياضي عن غيره من القطاعات بأنه قطاع ديناميكي يستوجب وجود محكّمين متخصصين للوصول إلى العدالة الناجزة في وقتٍ موجز. وفي هذا الصدد، تم انشاء مركز التحكيم الرياضي السعودي لحل المنازعات الرياضية. بالرغم من ذلك، لا تزال إجراءات المركز تشوبها عيوب أساسية من ناحيتيّ السرعة في فض المنازعات والتخصص الفني للمحكّمين التي تحتاج إلى تعديل ليتم تحقيق أهدافه المُرادة في الحفاظ على مستوى الاستثمار والعلاقات التعاقدية.

            أهم ما يدفع أطراف النزاع إلى اللجوء إلى التحكيم بدلًا من القضاء هو سرعة الفصل في المنازعات التي يتفادى بها الأطراف وطأة التأخر والمدد بالقضاء. وعند إمعان النظر في نظام مركز التحكيم الرياضي السعودي فإنه اهتم بالمدد النظامية الممنوحة لضمان السرعة في التحكيم، وذلك لأن المركز اكتسب صفته القانونية بما يتوافق مع الاتحادات الدولية، نظام محكمة التحكيم الرياضية الدولية، ونظام التحكيم السعودي. ويوضح ذلك في المادة الثانية عشرة من القواعد الإجرائية للمركز التي أعطت مدد وجيزة. بالتالي، أُسِسَ المركز على بنية قانونية سليمة، غير أنه يجب في الجهة المقابلة النظر إلى التطبيق العملي لهذه المدد، فالشواهد تشير إلى أن المركز في الكثير من قضاياه لم يحترم المدد الممنوحة له بموجب النظام دون وجود ما يبرر التأخير، كمخاطبة جهات خارج الرياضة، وفي هذا الصدد أذكر على سبيل المثال قضية داخلية في المملكة، وهي قضية بين ناديين تخص توقيع لاعب سعودي عقدين مع الناديين في الوقت ذاته. في هذه القضية، أعطى المركز الأطراف الحرية في مدة الرد ولم يصدر الحكم إلا بعد حوالي أربعة أشهر من اكتمال ملف القضية، ومن الثابت أن النظام نصّ على وجوب إصدار الحكم خلال ثلاثون يومًا من اكتمال ملف القضية. وقد نالت القضية ضجة إعلامية أثارت غضب الجماهير، وبذلك دَفَع ممثلي المركز بأن أحد أسباب التأخر هي "ضغوط إعلامية" و "تشعب حمله ملف القضية"، ومن المحقق أنها ليست أسباب قانونية مألوفة.

            من ناحية أخرى، اهم ما يميز التحكيم عن القضاء هو التخصص الفني لدى المحكمين في موضوع النزاع، حيث أن المحكم يوازن بين المعرفة القانونية والفنية ليتمكن من فضّ النزاع بطريقة سليمة. وخصوصًا في قطاع فني كالقطاع الرياضي، لا شك أنه يستوجب وجود المعرفة الرياضية لدى المحكّم. لذلك، نصّت القواعد الإجرائية لمركز التحكيم الرياضي السعودي على الشروط التي يجب أن تتوافر في المحكم وهي: الحصول على شهادة جامعية، التمتع بخبرة قانونية أو رياضية خمسة سنوات، ألا يكون محكوم عليه بعقوبة ماسة بالشرف والأمانة، اجتياز دورتين عالأقل من دورات المركز في السنة، واجتياز المقابلة الشخصية. نستنتج أن الشروط عامة لا تضمن تخصص المحكم لعملية التحكيم الرياضي لعدة أسباب. أولًا، عدم تحديد شهادة جامعية كالقانون أو الشريعة أو الرياضة، حيث أن اشتراط مجرد شهادة جامعية أيًّا كانت لن يضيف أي شيء لصفته محكمًا من الناحية القانونية أو الرياضية. ثانيًا، خبرة الخمس سنوات تكون إما رياضية أو قانونية وليس كلاهما، حيث أنه وإن كان المحكم متمتع بخبرة رياضية لا يعني ذلك بأنه جاهز لعملية التحكيم التي تعتبر عملية قانونية بحتة. ثالثًا، الدورات المطلوبة نظرية فقط، وعند النظر إلى محتوى الدورات المقدمة فإنها تشمل مواضيع عامة مثل "مقدمة في القانون الرياضي ومصادره" أو "مقدمة في التحكيم الرياضي"، فجميع هذه المواضيع يجب أصلًا أن يكون المقدّم عالمًا بها وبالتالي الدورات تكون متعلقة بمواضيع تكميلية وليست أساسية. وفي هذا الصدد أوصي على تخصيص الشروط بشكل أكبر حيث يتضمن اشتراط شهادة جامعية متعلقة بالقانون أو الشريعة، اشتراط خبرة في المجال الناقص للمحكم أي يتم اشتراط خمس سنوات خبرة رياضية في حال كانت الشهادة الجامعية قانون أو شريعة والعكس، واشتراط حضور على الأقل عشرة جلسات في جلسات قضائية أو تحكيمية متعلقة بالرياضة. أيضًا، اشتراط عدم العمل في أي نادي رياضي في الخمس سنوات السابقة لضمان عدم تأثير ميول المحكم لأي جهة كانت عاطفيًا أو اجتماعيًا.  

            يعد القطاع الرياضي من أكثر القطاعات إقبالًا من المستثمرين للأرباح الطائلة التي يقدمها، وقد استوجب ذلك اهتمام القانونيين  في سنّ وسائل لتسوية المنازعات الرياضية بشكل يتناسب مع ديناميكية القطاع. لذلك، تم إنشاء مركز التحكيم الرياضي السعودي ليختص بالمنازعات الرياضية، وتم استعراض بعض الشواهد التي تشير إلى نقاط ضعف المركز كالبطء في فض المنازعات والاختصاص الفني والقانوني للمحكمين التي قد تنتج من شأنها مشكلات في العملية التحكيمية. وعند النظر إلى تجارب التحكيم في المملكة ومدى فاعليتها وتطورها السريع منذ نشأتها، أتنبأ بتطور كبير في مركز التحكيم الرياضي في السنوات المقبلة كذلك، وذلك لمدى اهتمام القانونيين والرياضيين في الارتقاء بالتحكيم الرياضي، فالتحكيم وسيلة فعّالة لإنهاء النزاع والمشكلة ليست في التحكيم نفسه ولكن في تصميم إجراءاته وقواعده العملية.

 

10-Mar-2022


Back to List